.:: كلية الامام الهادي::.
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


EL-IAMAM ALHADI COLLEGE
 
الموقعالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قانون الاحوال الشخصيه للمسلمين 1991

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سفاري




عدد المساهمات : 12
تاريخ التسجيل : 17/10/2009
العمر : 34

قانون الاحوال الشخصيه للمسلمين 1991 Empty
مُساهمةموضوع: قانون الاحوال الشخصيه للمسلمين 1991   قانون الاحوال الشخصيه للمسلمين 1991 I_icon_minitimeالجمعة نوفمبر 20, 2009 6:20 am

مولانا/ أبو بكر سليمان الشيخ - قاضي بالهيئة القضائية السودانية

منذ بواكير استقلال السودان في 1956 نالت مسألة الدين ودوره في الحياة السياسية نقاشاً مستفيضاً، وجدلاً حامياً مستعراً بين مختلف قوى المجتمع وتياراته، ورغم أن الدين لم يكن مؤججاً للصراع وسبباً في اندلاع الحرب التي دار رحاها في جنوب السودان، حيث يمكن الجزم أن السودان لم يشهد مشكلة دينية بين سكانه، فمؤشرات التسامح بين السودانيين والتعايش - وهي أكثر من أن تحصى - تقف دليلاً على تلك وشاهداً على هذه القيمة. ومع هذا فإنّ (الدين) قد دخل طرفاً في الصراع الذي امتد عقوداً بين الشمال والجنوب، سيما بعد إعلان التشريعات الإسلامية في سبتمبر 1983م.

ورغم النفي المكرر من (الإنقاذ) التي تسلمت مقاليد الحكم في 30 يونيو 1989م أن تكون الحرب الدائرة في جنوب السودان هي حرب دينية بين مسلمين عرب من جانب، ومسيحيين أفارقة من جانب آخر، فإنّ (الجهاد) كان هو المحرض لفئات غفيرة ناصرت الإنقاذ في حرب الجنوب، وفي المقابل نفسه لم تألو الحركة الشعبية نفسها - رغم علمانيتها المعلنة - في الاستقواء بالقوى المسيحية في الغرب واستقطاب دعمها باعتبار أن الحرب التي تشنها الخرطوم هي حرب دينية تهدف لاستئصال شأفة المسيحية وبسط نفوذ الإسلام جنوباً.

معضلة وضع الدين والدولة

لقد خلص اتفاق السلام الذي أنهى الحرب في الجنوب إلى إقرار صيغة حول الدين تمثلت في الآتي:-

* أقر الاتفاق بالتعدد الديني في السودان، وأنه مصدر قوة معنوية للسودانيين دون تمييز لدين على آخر.

* جعل الاتفاق المواطنة أساساً لكسب الحقوق وممارسة الواجبات دون تمييز بسبب الدين.

* اعتبرت الشريعة وإجماع الشعب مصدراً للتشريع في الشمال، بينما إجماع الشعب وقيم وأعراف الشعب السوداني بما فيها تقاليده ومعتقداته الدينية هو مصدر التشريع في الجنوب.

* أتاح الاتفاق حرية واسعة في ممارسة الشعائر الدينية، وكفل لكل طائفة حق الاحتكام في شئونها الشخصية لقوانينها الخاصة(1).

تعتبر شريحة واسعة في السودان تلك الصيغة المتعلقة بالدين المضمنة في (بروتوكول ميشاكوس) معادلة توفيقية بين رغبتين متناقضتين، هما رغبة الحكومة في الاحتكام إلى الشريعة مقابل مطلب الحركة الشعبية في أن لا يكون الدين سبباً للتمييز بين السودانيين. ولم تسلم تلك الصيغة نفسها من تحفظ عليها، فقد اعتبرتها جماعات أنها أهدرت حاكمية الشريعة في بعض جوانبها، بل جنحت آراء إلى اعتبار تلك الصيغة صيغة حالمة تحلق في فضاء المثال، وتراهن على أنها تحمل في طياتها نصوصاً متعارضة يصعب تطبيقها على الواقع.

هذه الورقة ليست معنية بالمنافحة عن أيٍّ من تلك الآراء والمدافعة عنها بقدر ما هي تعنى برصد لقانون مهم هو قانون الأحوال الشخصية للمسلمين الصادر في 1991م، الذي ينظم شأن الأسرة المسلمة في السودان، وتتبع موقفه من (غير المسلم)، والهدف من هذا الرصد والتتبع التعرف على موقف القانون الذي يرتكز على الشريعة السمحة من الآخر ومدى قبوله له وأسس التعامل معه، ثم تدلف الورقة لخلاصات عسى أن تعين القارئ الفطن لنظرات أوسع ورؤى أعمق في هذه المسألة المهمة في حياة السودانيين.

الأحوال الشخصية في السودان:

لم يعرف الفقه الإسلامي مصطلح "الأحوال الشخصية" فقد ألحق الفقهاء المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق والوصية والإرث وغيرها بقسم المعاملات دون إفراد قسم خاص بها(2). ويرى معوض عبد التواب أن أصل المصطلح "الأحوال الشخصية" يرجع إلى الفقه الإيطالي في القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي(3). وقد صدر أول قانون في السودان يحمل اسم قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في عام 1991م، وارتكز القانون إلى تجربة ثرة للقضاء الشرعي الذي انتظم السودان منذ عام 1902م حين صدرت لائحة تنظيم المحاكم الشرعية التي خولت لقاضي القضاة وقتذاك بعد أخذ موافقة الحاكم العام تنظيم العمل في المحاكم الشرعية، ويمكن القول أن قانون الأحوال الشخصية - محل الدراسة - ما هو إلاّ تجميعاً وتبويباً للمنشورات والنشرات والمذكرات والتعليمات التي كانت سائدة من قبل، فقد تبنى القانون ما كان قائماً في معظم أحكامه. ويعتبر الراجح من المذهب الحنفي هو الأصل الذي استنبطت منه الأحكام إلا أن القانون قد حاد في بعض المسائل المعتبرة عن المذهب الحنفي إلى المذهب المالكي الذي يدين به أهل السودان (4).

سنتناول في هذه الدراسة موقف القانون من (غير المسلم) في المحاور الآتية:-

* الزواج

* الشهادة

* الحضانة

* الهبة والوصية والوقف والإرث

الزواج و(غير المسلم):

قضت الشريعة الغراء بمنع زواج المسلمة من غير المسلم كتابياً كان أم غير كتابي، ورغم أن فتوى معتبرة أجازت للمرأة التي اعتنقت الإسلام وما زال زوجها على دينه أن تبقى في عصمة ذلك الرجل لضرورة معتبرة تقدر بقدرها(5)، إلا أن تلك الفتوى جعلت ذلك حالة طارئة وليس الأصل في العلاقة مع غير المسلم، والناظر لأحكام قانون الأحوال الشخصية للمسلمين 1991م المتعلقة بأحكام الزواج وآثاره نجده لا ينص صراحة على منع المرأة المسلمة من الزواج من غير المسلم، فالقانون أشار إلى أنه يحرم بصورة مؤقتة التزوج بالمرأة التي لا تدين بدين سماوي(6)، وهذا يتعلق بالزوج لا بالزوجة التي لها أن تتزوج بالرجل المسلم فقط دون غيره. فالواضح أن القانون قد سكت عن هذه المسألة (الزواج من غير المسلم)، فلم ينص صراحة على هذا المنع إلاّ إن هذا لا يعني جواز ذلك، فقد عالج القانون نفسه تلك المسألة حين نص (يعمل بالراجح من المذهب الحنفي فيما لا حكم فيه بهذا القانون)(7)، فالمذاهب جميعها بما فيها المذهب الحنفي لا تجيز للمسلمة الزواج من غير المسلم.

واشترط القانون في من يشهد على عقد الزواج أن يكونا رجلين أو رجل وامرأتين مسلمين، ومن ثم فإنّ شهادة غير المسلم على عقد الزواج غير مقبولة(Cool.

إشارة أخرى لمسألة الدين وردت في الفصل المتعلق بالكفاءة في الزواج، فقد جعل القانون العبرة في الكفاءة (الدين والخلق)(9)، ويقصد بالدين هنا مدى التمسك بأحكام الإسلام والالتزام بها، واشترط القانون في الولي أن يكون عاقلاً، بالغاً، مسلماً إذا كانت الولاية على مسلم. أما غير المسلمة فلا يشترط الإسلام لوليها في عقد زواجها، وإن كان الزوج مسلماً (10).

الشهادة و(غير المسلم):

أجاز القانون للزوجة طلب التطليق من زوجها لعيب أو مرض مستحكم أصيب به قبل العقد، ولم تعلم به وحدث بعد العقد، ولم ترض به عقلياً كان أو عضوياً(11)، وقد فتح القانون باب الاستعانة بأهل الخبرة من الاختصاصيين في معرفة العيب أو المرض، ولم يشترط القانون الإسلام في أولئك(12)، فغير المسلم يمكن الاستعانة به في معرفة العيب أو المرض ومن ثمّ يتوقف تطليق الزوجة على تلك الشهادة، ولكن إن نظرنا في سبب آخر أجاز فيه القانون للزوجة طلب التطليق بسبب عنة زوجها سواء كانت العنة قبل العقد أو كانت حادثة بعد العقد والدخول، فقد قصر الاستعانة بأهل الخبرة والاختصاص على الأطباء المسلمين فقط دون غيرهم(13).

الحضانة و(غير المسلم):

عرّف القانون الحضانة بأنها (حفظ الولد وتربيته وتعليمه ورعايته بما لا يتعارض مع حق الولي ومصلحة الصغير)، ونصّ القانون على أنّ المحضون يتبع خير الأبوين ديناً(14)، ومع هذا أتاح القانون للحاضنة غير المسلمة التمتع بحضانة المحضون المسلم لكنه وضع شرطين لسقوط حضانة الحاضنة غير المسلمة هما:-

أ- عند إكمال المحضون السنة الخامسة من عمره.

ب- عند خشية استغلال الحاضنة لحضانتها لتنشئة المحضون على غير دين أبيه(15).

كما اشترط القانون إن كان الحاضن رجلاً أن يكون متحداً مع المحضون في الدين مما يدل على أن الحاضن الرجل يشترط فيه أن يكون مسلماً(16).

الهبة والوصية والوقف والإرث و(غير المسلم):

عرّف القانون الهبة بأنها تمليك مال أو حق مالي لآخر حال حياته دون عوض، لم يقيد القانون شروط الموهوب له بدين معين، فقد اشترط القانون في الموهوب له أن يكون موجوداً حقيقة ولم يشترط فيه الإسلام (17).

أما الوصية التي هي تصرف على وجه التبرع، مضاف إلى ما بعد موت الوصي، فقد نصّ القانون صراحة على جواز أن يكون الموصى له مخالفاً في الدين، لكن القانون جعل من مبطلات الوصية ارتداد الموصي، أو الموصى له عن الإسلام وما لم يرجع إليه (18).

ولم يشترط القانون في الوقف الذي هو حبس مال على حكم ملك الله تعالى والتصرف بمنفعته في الحال أو المآل، سوى أن يكون الموقوف عليه قربة في حكم الإسلام، ومن ثمّ لا حجر على غير المسلم من الاستفادة من الوقف(19).

أما الإرث الذي هو انتقال حتمي لأموال ومنافع وحقوق مالية بوفاة مالكها لمن استحقها، فقد جعل القانون اختلاف الدين مانعاً من موانع الإرث حين نصّ (لا توارث مع اختلاف الدين)(20).

قواعد القانون في التعامل مع (غير المسلم):

باستقراء لقانون الأحوال الشخصية للمسلمين وموقفه من (غير المسلم) نجده يرتكز على قواعد يمكن إجمالها في:-

* القسط والبر.

* الحماية والخصوصية.

* الاعتراف والاستفادة.

القسط والبر:

تقوم الشريعة الغراء في التعامل مع غير المسلم على قاعدة القسط والبر ما دام غير محارب، أي على العدل والإحسان، {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الممتحنة8. وقد جاء القانون متسقاً مع هذه القاعدة متناغماً معها، فلم يقيد التصرفات التي هي من قبيل التبرع كالهبة والوصية والوقف بدين معين للمستفيد، بل أجاز القانون الوصية لغير المسلم وحرم منها المسلم الذي ارتد زجراً له، ومع هذا أعاد له الحق إن عاد للإسلام.

الحماية والخصوصية:

جعل القانون حماية الأسرة في دينها مقصداً ومبتغىً، لذا حرمت المرأة المسلمة الزواج من غير المسلم حماية لها من أن تتأثر بدين زوجها، وحماية للذرية من بعد في أن تدين بدين الأب غير المسلم، وقرر القانون قاعدة "يتبع المحضون خير الأبوين ديناً"(21) تبعاً لمبدأ الحماية، وأجاز القانون للحاضنة غير المسلمة التمتع بالحضانة لكنّه - أي القانون - حدّ عمراً معيناً هو الخامسة تسقط عنده حضانة غير المسلمة افتراضاً من القانون أن تلك السنة هي التي تتشكل فيها فطرة المحضون، وكان القانون صارماً في إسقاط حضانة غير المسلمة إن حاولت التأثير عليه في دينه، وإن لم يبلغ المحضون الخامسة، كما حرم الحاضن الرجل من التمتع بالحضانة إن كان غير مسلم.

أما الخصوصية فتظهر في أن القانون حصر شعائر خاصة متعلقة بأمر الأسرة على المسلمين فقط دون غيرهم، كالشهادة على العقد والولاية على المسلمة، ولا غرابة في هذا، فالأديان والمعتقدات تقف على هذا المبدأ "الخصوصية" الذي يميز أي دين أو معتقد عن غيره، وتوسع مبدأ الخصوصية في القانون ليحرم المسلم وغير المسلم من الإرث - على حد سواء - إن كان هناك اختلاف في الدين بين الوارث والمورث.

الاعتراف والاستفادة:

لم ينكر القانون (غير المسلم)، بل اعترف به وتواصل معه للاستفادة من خبراته وقدراته التي قد لا تتوفر في المسلمين، لذا لم يشترط القانون في من يحدد المرض الموجب للتطليق من أهل الاختصاص ديناً بعينه، ومن ثم يكون مصير الأسرة المسلمة رهناً لشهادة غير المسلم ما دام مختصاً وأميناً، وإن كان القانون قيد إثبات العنة الموجبة للتطليق أن يكون الطبيب الذي يشهد بها مسلماً، ولكن ليس هناك من حجة تسند هذا المنع، ما دامت الخبرة والاختصاص هي الفيصل في إثبات العنة - وهي نوع من المرض - وليس الدين، وهو ما أخذ به القانون في إثبات المرض الموجب للتطليق. وعلى كلٍّ فإن القانون اعترف بـ(غير المسلم) واستفاد من خبرته واختصاصه حين أجاز شهادة غير المسلم في المرض الموجب للتطليق .

خاتمة:

هذه هي القواعد الكلية التي قام عليها قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في السودان، بل قامت عليها الشريعة الغراء في التعامل مع (غير المسلم) على أساس من توازن معقول وواقعية مبصرة.

الهوامش:

(1) بروتوكول ميشاكوس.

(2) القسمان الآخران للفقه بجانب المعاملات هما العقائد والعبادات.

(3) موسوعة الأحوال الشخصية، ص11.

(4) من المسائل التي حاد فيها القانون عن المذهب الحنفي إلى المالكي مسألة الكفاءة والولاية في الزواج.

(5) فتوى صادرة من مجلس الإفتاء الأوروبي - انظر موقع إسلام أون لاين.

(6) المادة 19 هـ من القانون.

(7) المادة 5/1 من القانون.

(Cool المادة 26 من القانون.

(9) المادة 21 من القانون.

(10) المادة 33 من القانون . العنة هي العجز عن الجماع.

(11) المادة 151/1 من القانون.

(12) المادة 152 من القانون.

(13) المادة 158 من القانون.

(14) المادة 109، 114/1 من القانون.

(15) المادة 114/2 من القانون.

(16) المادة 113/ب ثالثاً من القانون.

(17) المادة 267 من القانون.

(18) المواد 286، 296، 317 (ط) من القانون.

(19) المادة 320 من القانون.

(20) المادة 351 من القانون.

(21) المادة 114 من القانون.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قانون الاحوال الشخصيه للمسلمين 1991
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
.:: كلية الامام الهادي::. :: منتديات شريعة وقانون-
انتقل الى: